اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 355
عن مقتضى الوحى الإلهي المكذبين لرسله ابعادا لهم عن ساحة عز الحضور بحيث لا يرجى قربهم وقبولهم أصلا
وَبعد ما وقع ما وقع نادى وناجى نُوحٌ رَبَّهُ باثّا له الشكوى في حق ابنه كنعان فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي ايضا مِنْ أَهْلِي وأنت بفضلك وجودك قد وعدتني بنجاة أهلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الذي وعدتني به الْحَقُّ الصدق والصريح الذي لا خلف فيه وَبالجملة أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ واقسطهم وأعدلهم بل احكام جميع الحكام راجع الى حكمك يا رب
قالَ سبحانه مجيبا له مزيلا لشكويه يا نُوحُ إِنَّهُ اى ابنك بسبب اعتزاله عنك وعن دينك لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إذ لا قرابة ولا الفة بين المؤمن والكافر وكيف يكون من أهلك إِنَّهُ من غاية فسقه وفساده كأنه عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ يعنى هو مسمى به لكونه مغمورا فيه مجسما منه بحيث لا يرجى صلاحه وإصلاحه مطلقا فَلا تَسْئَلْنِ متعرضا معترضا على ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ بوروده على إِنِّي أَعِظُكَ واذكر لك قبيل هذا مخافة أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ اى كذلك منهم بذهولك وغفلتك عما نبهت عليك بالاستثناء السابق يعنى قوله الا من سبق عليه القول وبعد ما سمع نوح من ربه ما سمع
قالَ معتذرا الى ربه مستحييا رَبِّ إِنِّي بعد ظهور خطائى وزلتى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ بعد هذا ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا اى وان لم تَغْفِرْ لِي زلتى وسوء ادبى وَلم تَرْحَمْنِي بفضلك وجودك أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ خسرانا مبينا
قِيلَ من قبل الله بعد ما غاض الماء واستوت وانكشفت الأرض ويبست يا نُوحُ اهْبِطْ وانزل أنت من السفينة ومن معك مقرونا بِسَلامٍ وسلامة ونجاة وأمن ناش مِنَّا عليك تفضلا وامتنانا وَبَرَكاتٍ وخيرات كثيرة نازلة من لدنا عَلَيْكَ اصالة وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ تبعك تبعا سماهم امما باعتبار العاقبة والمآل وَمن ذرية من معك أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ونربيهم في النشأة الاولى بأنواع النعم ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا في النشأة الاخرى بسبب كفرهم وفسقهم عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم بدل ما تلذذوا بنعم الدنيا وكفروا بها
تِلْكَ اى قصة نبينا نوح عليه السّلام مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ اى من بعض اخباره نُوحِيها إِلَيْكَ يا أكمل الرسل تعليما لك وتذكيرا لأمتك إذ ما كُنْتَ تَعْلَمُها لا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ لا بالدراسة ولا بالتعليم مِنْ قَبْلِ هذا الوحى والإنزال وان طعن المشركون لك ونسبوك الى الكذب والافتراء فَاصْبِرْ على اذياتهم وكن في تبليغك وارشادك على عزيمة خالصة صحيحة إِنَّ الْعاقِبَةَ الحميدة والأجر الجزيل في النشأة الاخرى لِلْمُتَّقِينَ الذين يحفظون نفوسهم عن الميل الى البدع والأهواء ويصبرون على عموم المكاره والأذى حتى يتحققوا بمقام الرضاء ويفوزوا بشرف اللقاء
وَبعد ما تناسل قوم نوح وتكاثرت امم منهم فاستكبروا عن طريق التوحيد واتخذوا الأوثان والأصنام آلهة قد أرسلنا إِلى قوم عادٍ العادين عن طريق الحق المتجاوزين عن صراط التوحيد ظلما وعدوانا أَخاهُمْ هُوداً ليهديهم الى طريق الحق والصراط المستقيم قالَ بعد ما أوحينا اليه وإذنا له بتذكير قومه يا قَوْمِ أضافهم الى نفسه تحننا وإشفاقا على ما هو مقتضى الإرشاد اعْبُدُوا اللَّهَ الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا اله الا هو واعتقدوا انه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ يعبد بالحق ويرجع اليه في الخطوب غَيْرُهُ إذ لا موجود سواه ولا اله الا هو إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم بعد ما ظهر الحق باتخاذ الأوثان والأصنام آلهة غيره إِلَّا مُفْتَرُونَ مبطلون في اتخاذها افتراء ومراء
يا قَوْمِ اسمعوا قولي واتعظوا به
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 355